الاستعداد لشهر رمضان
لفضيلة الشيخ:
صالح بن سعد السحيمي
~~*~~*~~*~~*~~
بسم الله الرحمن الرحيم
لفضيلة الشيخ:
صالح بن سعد السحيمي
~~*~~*~~*~~*~~
بسم الله الرحمن الرحيم
[size=25]الاستعداد لشهر رمضان
لفضيلة الشيخ:
صالح بن سعد السحيمي
~~*~~*~~*~~*~~
بسم الله الرحمن الرحيم
لفضيلة الشيخ:
صالح بن سعد السحيمي
~~*~~*~~*~~*~~
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئاتِ أعمالنا، مَن يهدِهِ الله فلا مُضلّ له، ومَن يضلل فلا هادي له، وأشهدُ ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهدُ أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه ومَن دعا بدعوته وسار على نهجه إلى يوم الدين.
أما بعد:
أيها الإخوة في الله، في هذه الأيام ننتظر وينتظر المسلمون قاطبةً أعزّ ضيف يقدم أو أوشكَ قدومه بعد أيامٍ قلائل ضيفٌ عظيم، شرّفه الله-عز وجل- وميّزه، جديرٌ بالتكريم والإكرام، وتكريمه لا يكلفنا شيئًا ولا يتطلب منا أمرًا فيه مشقة، وإنما يتطلب أمرًا سهلًا في ميسور كل مسلم إذا أعانه الله-سبحانه وتعالى- ووفقه، هذا الضيف الذي ينتظره المسلمون بفارغ الصبر وهو شهر رمضان المبارك ( شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآَنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ ).
وعلى المسلم أن يجتهد في استقباله وتكريمه وإعطائه حقه، كان رسول الله-صلى الله عليه وسلم- يبشّر به أصحابه وكلٌ يسأل الله تعالى أن يبلغهم إياه ثم يوفّقهم فيه للصيامِ والقيامِ على الوجه الذي يرضيه ، بل و كان –صلى الله عليه وسلم-يستعد له حيثُ يصوم أكثر أيامِ شهر شعبان ليؤجَر المسلم ويضاعف له الأجر وأيضًا ليكون ذلك استعدادًا للصوم والعبادة والطاعة التي يكرم بها هذا الضيف الذي ميّزه الله-تبارك وتعالى- على غيره.
لذا-أخي المسلم- فإنه ينبغي لك ولنا جميعًا أن نعقد العزم على حسن وفادته وتكريمه بالعملِ الصالح الذي يعود علينا نحن بالخير مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ (46).
ومما ينبغي التنبيه عليه في الاستعدادِ لمقدم هذا الشهر المبارك:
أولًا:الاستعداد له بتحقيق التوحيد، بأن يتخلص المسلم من كل مما يتعلق به من دونِ الله-سبحانه وتعالى- فيوحّد الله وحده، ويصرف له جميع أنواع العبادة دون سواه، لا يدعو إلا الله ولا يستغيث إلا بالله ولا يلتجيء إلا إلى الله، ولا يذبح ولا ينذر إلا لله، ولا يذبح ولا ينذر إلا لله، ولا يصلي ولا يخاف ولا يحب المحبة التي هي عبادة، ولا يرجو إلا الله-سبحانه وتعالى-فلابد من إفراده-جل وعلا- بصرفِ جميع العبادة لله دون سواه قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (162)لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (163).
والأمر الثاني يا عبد الله: الاستعداد له بالتوبة الصادقة من جميع الذنوب والآثامِ والمعاصي والبدعِ والخرافات بأن نتجرد لله-سبحانه وتعلى- حتى نبدأ هذا الشهر بقلبٍ صافٍ مصفى من كل شيء، مُفعم بالإيمان الصادق والعزمِ على العمل الصالح.
ولابد أن تكون من أن تكون هذه التوبة توبة نصوحًا، والتوبة النصوح هي التي استكملت شروطها التي هي: الإقلاع من الذنبِ وتركه بالكلية
-والعزم على عدمِ العودة
-والندمُ على ما بدر منكَ من تقصير في جنب الله-وكلنا مقصر-
-وردّ حقوق الناس إن كانت لهم عندك حقوق إما ردها بعينها أو رد بدلها أو تحللهم منها.
إذ التوبة ليست كلامًا يُقال باللسان فحسب، بل لابد والحال هذه مِن أن تكون توبةً صادقةً لوجه الله مستكملة لهذه الشرائط العظيمة وقد تجردتَ مِن كل شيءٍ لله-تبارك وتعالى- كي تقبل على الله بقلبٍ وإيمانٍ صادق وعمل صالح.
ثالثًا يا عبد الله: الاستعداد لذلك بالعزمِ على مواصلةِ الطاعة والعبادة والإكثارِ من النوافل والتطوعاتِ التي تكون سببًا في محبة الله-تبارك وتعالى- للعبد؛ فإن النوافل-بعد الفرائض- من أعظمِ ما يربطُ العبد بربه، ويجعله يحبه.
روى الإمام البخاري عن أبي هريرة-رضي الله عنه-قال: قال رسول الله-صلى الله عليه وسلم-:
قال الله-عز وجل-: وما تقرّب إليّ عبدي بشيء أحبّ إليّ مما افترضته عليه، ولا يزال عبدي يتقرب إليّ بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته كنتُ سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، ولئن سألني لأعطينه، ولئن استعاذني لأعيذنّه.
والجملتان الأخيرتان تفسيرٌ لقوله: كنتُ سمعه وبصره ويداه ورجله، وهذا ليس تأويلًا وإنما هو ظاهر سياق الكلام في أن المقصود أن الله-عز وجل- يكلأه ويحفظه ويرعاه ويكون معه أينما كان وحيثما حَلّ بحفظه وكلائته ورعايته ونصره وحمايته، ولذلك قال: ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه.
فلنكثر من التطوعات في شهر المغفرة والرحمة وشهر العتقِ من النار، وشهرٌ تفتح فيه أبواب الجنان، وتُغلّق فيه أبواب النيران، وتُصَفّد فيه مردةٌُ الجان ، فلم يكونوا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، في شهرٍ تُضاعف فيه الحسنات وتُقال فيه العثرات، وتُرفَع فيه الدرجات، وتُمحى فيه السيئات،، جعلني الله وإياكم ممن حصل ذلك له كله، وما ذلك على الله بعزيز لمن أخلص لله-عز وجل- واتبع هداه، وسار على ما أمره ونفّذ ما أمرَ الله به، واجتنب ما نهاه الله عنه.
والأمر الرابع يا عبد الله: اغتنام مواسم الخير في هذا الشهر المبارك الذي يطلّ علينا-نسأل الله أن يبلغنا وإياكم إياه- لأننا لا ندري ماذا يحصل قبل.
فإذا عقدتَ العزمَ يا عبد الله على الخير، فإنك على خير ولو لم تدرك هذه الأيام في هذا الشهر، والمؤمنون يبعثون إذا عزموا على أمر فلم يتمكنوا منه يبعثون على نياتهم.
فلا نضيع الأوقات في شهر رمضان بل نستغل ذلك بتلاوة القرآن والذكر والإنفاق والصدقات، والجدّ والاجتهاد في طاعة الله-عز وجل-وصلاة الليل، والكلمة الطيبة، فنُكثر من تلاوة القرآن الذي فيه طمأنينة القلوب وفيه حياة القلوب، وفيه الخير كله، وليس المقصود يا عبد الله أن تسرع وتهزّ هزًا القراءة بدون تمعن وتدبر، لا يا عبد الله، بل لابد من التدبر والتأمل، ولا بد من التفكر والوقوف عند كل رأس آية، إذا مررنا بآية رحمة سألنا الله من فضله، وإذا مررنا بآيات عذاب وغضب استعذنا بالله-عز وجل- ولجأنا إليه كما هو هدي الرسول-صلى الله عليه وسلم-.
أما الذين يهزّون هزًا ويتحدث بين الناس ويتبجح أنه ختمك في ليلة أو ليلتين فهذه ليست قراءة، ولا يلزم أن تختم في ليلة أو ليلتين، وأقل ما يمكن فيه الختم في ثلاث ليال، هذا هو الذي ثبتَ عن السلف، هذا أقل ما وُجِد، وأقل ما يتصور إذا كانت القراءة قراءةً سليمة، يقف صاحبها عند كل آية ويتأمل ويتدبر أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا (24).
تتحرى الخير في هذه الأيام المباركة، ولا تُضيعن وقتكَ سدى، فإن من الناس من هو محروم-والعياذ بالله-، إذا أقبل رمضان استأجر له استراحة، وجعل فيها هذا الطبق الخبيث ليجلب له تلك القنوات الفاسدة المفسدة لينام في النهار ويسهر عليها في الليل، فمثل هذا محروم-نعوذ بالله وإياكم من الحرمان- يسهر على تلك الأطباق ويشاهد ما يفسد قلبه وعمله ويضيع وقته، ويفسدُ عليه كل شيء.. لا يا عبد الله .. استقبل هذا بالجد والاجتهاد في طاعة الله-سبحانه وتعالى-.
وقد سُمع يومًا رسول الله-صلى الله عليه وسلم- وهو يؤمن ثلاث مرات آمين .. آمين .. آمين، فقالوا: علام أمّنتَ يا رسول الله، فقال-صلى الله عليه وسلم-: جاءني جبريل آنفًا وقال لي: رغمَ أنفُ أمريء أدركَ والديه أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة قل:آمين، فقلتُ: آمين، ورغمَ أنف أمريء أتاه شهر رمضان ثم خرج ولم يُغفر له، قل: آمين، فقلتُ:آمين، ورغِم أنفُ أمريء ذكرتُ عنده فلم يُصلّ عليّ-اللهم صلّ وسلم وبارك عليه- قل: آمين، فقلتُ آمين.
إذًا يا عبد الله، علينا أن نهتبل هذه الفرص وأن نغتنم هذه الأوقات قبل أن يأتي ما يضادها، عندها لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا.
.
[/size]